الاثنين، 21 سبتمبر 2009

هل صحيح أن بعض الدكاترة اشتروا شهاداتهم؟



كتب محمد توفيق:

فيما تدور عجلة الزمن سريعة وتلهث الأنفاس في سباق محموم مع الوقت لمسايرة تطورات العصر تضحى الكتابة كالقبض على الجمر في ظل مغريات تدفع بعموم الناس إلى أشياء اخرى متعددة ليس من بينها البحث عن الفكر ونتاج العقول المنشور بين دفتي كتاب.لذلك أي موهبة تبزغ في سماء الكتابة تستحق الإشادة والتشجيع.. والدعم والمساندة، والزميل محمد البغيلي واحد من هؤلاء الشباب الذين اختاروا الكتابة متنفسا عن أرواحهم وبوحاً عن مكنوناتهم ووسيلة للتعبير عن رؤاهم في الحياة عموما.. وها هو يعكف على البحث والتأليف مبتدئا مسيرة الابداع بخطوات جيدة ورغم ما يعتري تجربته من بعض هنات البدايات بيد انه سرعان ما سيتجاوزها، فالموهبة الصادقة لا يوقف مسارها تعثر بسيط.جاء كتاب «عاصفة في أروقة الجامعة» لمحمد البغيلي ليكشف اللثام عن قدرة جيدة على تحليل الواقع وأحداثه ومجرياته، واختار الصرح الاكاديمي مسرحا لحياة تستحق الرصد وتسليط الضوء عليها على اعتبار انها وجه آخر للمجتمع الاكبر، كما انها تؤثر فيه لأنها تضم صفوة شباب الوطن والشريحة الكبرى المؤثرة في مختلف المجريات والأحداث منذ اولى صفحات الكتاب، حيث الاهداء تتفتح رؤية محمد البغيلي المنفتحة على الحياة، وتتجلى محبته الغامرة للوطن والارض، والناس عموما، حيث يهدي كتابه الى «العقول النيرة والقلوب المخلصة»، اعتزازا باصحاب الفكر المستنير والمشاعر النبيلة التي ذكر جانبا من سيرة اصحابها الذين التقاهم في اروقة الصرح الاكاديمي.جاء الكتاب في فصلين: الاول بعنوان الساحة الاكاديمية، وقد يظن القارئ لأول وهلة ان هذا الفصل جاف في طريقة عرضه واسلوبه لكن العكس هو الصحيح، فقد سلط البغيلي الضوء على حياته حين كان على مقاعد الدراسة بطريقة السرد المشوق، ورسم بورتريهات لشخصيات الاساتذة وعدد من الطلاب الذين تأثر بهم، واثر فيهم، وتناقش معهم، ودخل معهم في مشاريع لاثراء الحياة السياسية داخل الصرح الاكاديمي.
واقع الجامعةاستطاع البغيلي ان ينقل صورة واقعية لما يحدث في الجامعة بدءا من مرور الطالب المستجد بالصدمة الاكاديمية الاولى التي تتمثل في الاصطدام بحياة جديدة مغايرة للمراحل التعليمية السابقة ومن ناحية اخرى الاصطدام النفسي ببعض الدكاترة الذين تثار حولهم الاشاعات لوصولهم الى مقاعد التدريس الاكاديمي بشراء الشهادات والبحوث او استئجار من يكتب لهم اطروحاتهم، وهو الامر الذي ان صح لكان كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معان.يقول البغيلي «من المؤسف القول ان المستوى العام لبعض اساتذة جامعة الكويت في التدريس دون المستوى.. وبعض الاساتذة الكويتيين يتداول الطلبة اشاعات حول تزوير شهاداتهم او شراء بحوثهم حتى وصلوا الى ما وصلوا اليه»، ويستدل على ما المح اليه بأن «في بعض الاحيان نرى اساتذة تخرجوا في الولايات المتحدة وبريطانيا لا يلمون باللغة الانكليزية وهي اللغة التي كتبوا بها اطروحاتهم العلمية».
دلع بناتوعرج البغيلي على دكتاتورية الدكاترة ووصف بعضهم بأنهم متسلطون في قراراتهم وعلاقاتهم. وللاسف فإن ذلك يكون موجهاً الى فئة معينة من الطلبة وليس جميعهم بسبب امور قبلية وغيرها، وتحدث كذلك عما اسماه «شبكة المصالح العنكوبتية» راسما صورة كاريكاتيرية بالقلم حيث الدكتور الذي يطرق باب مكتبه كبار المسؤولين في البلاد ومن ثم تكاد تنعدم العدالة لتدخل الواسطات في كل احوال الصرح الاكاديمي.. مرورا بالاستاذة الوصوليين الذين يتسلقون لارضاء تيارات واشخاص من خارج الجامعة ويكون ذلك على حساب اللوائح والقوانين ويذهب ضحية ذلك الطلاب الذين لا واسطة لهم.اما بعض الدكاترة الذين لا يقاومون دلع البنات ودلالهن.. فقد تحدث عنهم البغيلي بالتفصيل وقال تحت عنوان «المعيار الجنسي»: «لا يجد المرء حرجاً من القول ان بعض الدكاترة يتساهلون مع الطالبات ويخلقون صورة سلبية لوقار الاستاذ»، ويصور منظر الاستاذ العجوز الصابغ لحيته وحوله الطالبات في عمر بناته يجلسون. «وطبعاً الصحيح يجلسن في مكتبه ويضحكون «يضحكن»، وفي نهاية الكورس يحصلن على درجات مرتفعة.
صراعات القوائم!في الفصل الثاني، تناول البغيلي الجوانب السياسية في الصرح الاكاديمي، متحدثا عن الصراعات بين القوائم الطلابية، ودور الصحافة في تأزيم الصراع، وافرد حديثا طويلا عن القوائم واسباب نجاح بعضها وفشل البعض الآخر، معرجا على النادي السياسي وكتلة الشباب الوطني.واكد البغيلي ان لعبة المصالح تحكم الحركة الطلابية حتى الادارة الجامعية تتورط احيانا في محاباة بعض القوائم»، اذ ان العمادة عندما تريد ان ترجح كفة قائمة معينة وتثبت وجودها في مقاعد الجمعية، فانها توافق على الفور على بعض مقترحاتها الطلابية لتخرج الجمعية وكأنها هي التي استصدرت القرار.. وقد تكون بالفعل هي من قام بذلك ولكن ليس في داخل الجامعة بل من خلف كواليس التيارات واجتماعات الحركات السياسية الخارجية.ويتابع كشفه لمثالب الواقع الجامعي قائلا: وعلى مستوى اكبر، وتحديدا الادارة الجامعية فانها ايضا تخشى الاصطدام بالاتحاد الوطني لطلبة الكويت، ليس لكفاءة اعضاء الاتحاد وخبرتهم النقابية، وانما للتيار الاسلامي الذي يدعمه بعض النواب.واشاد البغيلي بحيادية الاساتذة الوافدين وسط هذه الصراعات والوسط الاكاديمي الذي تشوبه سلبيات عدة. اما من جانب الاساتذة الوافدين فلا شأن لهم بالصراع الايديولوجي والسياسي على المستويين الاداري والطلابي، اذ ان همهم الاكبر القاء محاضراتهم وبغص النظر عن قدراتهم، فانهم محقون في التزامهم بالحياد المحمود».ان الجامعة تحتاج الى عمل مخلص وفزعة اصلاح، كما ان الحركة الطلابية تستلزم وقفة جادة لتخليصها من السلبيات التي تعترض سبيلها وتشوه صورتها.. وهو ما يدعو اليه الكاتب.
هنات وأخطاء.. تحتاج إلى تصويبلم يخلُ كتاب الزميل البغيلي من هنات سواء على مستوى عناوين الابواب التي جاءت ركيكة أحيانا وغير مفهومة أحيانا أخرى، فعلى سبيل المثال «تخلخل معايير التقييم والعدالة»، حيث تحدث عن الظلم الواقع على طلبة الصرح الاكاديمي من قبل بعض الدكاترة واعضاء الادارة الجامعية، وكان الافضل اختيار عنوان يتماشى مع المضمون، لا منفصل عنه.كما خان الكاتب التعبير في عنوان «المعيار الجنسي»، حينما تحدث عن علاقة الدكاترة بالطالبات، اذ جاء العنوان في واد والمضون في واد آخر (ص 37)، وكذلك الحال في عنوانه «تجارة العلم.. ان كان علما»، وكأنه يضع شرطا لشيء هلامي غير ملموس.اما على صعيد الاخطاء اللغوية وضعف الصياغة، فحدث ولا حرج. اذ احتوى الكتاب على اخطاء نحوية واملائية فادحة يحتم علينا الضمير الأدبي والمهني ان نكشف اللثام عنها امام البغيلي ليتلافاها مستقبلا، ويضع يديه على قواعد الكتابة السليمة.يقول البغيلي ص 13 «ان موقع الشويخ يعد نموذج حقيقي» والصحيح: نموذجا حقيقيا. وفي ص 15 يقول «ان كلية التربية تشاهدها وكأنك تشاهد «فيلم» أبيض وأسود والصواب فيلما، وفي الصفحة نفسها يقول «اما طلبتها فهم المتميزين».. والصواب: المتميزون. وفي ص 20«قد يكون الافتراض السابق مبالغ فيه» والصواب «مبالغا».. وفي الصفحة نفسها «تتعرض لاول هزاتها»، والصواب: لأولى هزاتها، وفي ص 41 يقول.. وتمنياتي ان يكون بالفعل مشروع»، والصواب مشروعا.بقي ان نقول ان هذه الاخطاء لا تنقص من قيمة الكتاب، الذي يعد اطلالة على مختلف القضايا الاكاديمية، وتحسب للكاتب قدرته على النقد والتحليل وطرح الحلول الهادفة الى اصلاح الاوضاع، بيد ان هذه الهنات من السهل تجاوزها في المستقبل القريب، اذ ان الموهوبين في الكتابة، حتما لن يرضوا بنواقص معيبة واخطاء جسيمة في كتاباتهم.
مفارقات في البحوثقال البغيلي: إذا كان في المجتمع الكويتي من ينكر انتشار البحوث الجاهزة فأنا سأكون شاهد ملك ضده ودليلاً حياً على انتشار تلك البحوث في جميع التخصصات وعلى جميع المستويات في جامعة الكويت.ورغم انني منذ الصغر بدأت قراءاتي المبكرة ودخلت الجامعة مفعماً بالحيوية والحماس للتجربة العلمية الناضجة التي أنا بصددها، التي سرعان ما تلاشت كصورة من صور الخيال الكثيرة التي تجلت لدي خلال الحياة الجامعية.لقد اكتشفت ان أغلب الطلبة إن لم يكونوا معتادين فهم قد شاركوا أو استعانوا مرة على الأقل بمكتب يجهز البحوث المطلوبة لاتمام أبحاثهم على أكمل صورة والطلبة الذين التزموا الاعتماد الذاتي في إعداد البحث وطباعته هم قلة ضاعوا بين أكثرية ساحقة.
كشخة ومظهريةتحدث الكاتب عن كشخة الطالبت والطلاب احياناً، وقال بما ان الشيء بالشيء يذكر، فإن لوائح اللباس المحتشم تجرنا الى الحديث عن القيم المظهرية الراسخة لدى طلاب وطالبات الجامعة، الذين يعكسون توجها شبابيا يركز على المظهر وينكر الجوهر، بل لا يعرفه ولم يشعر به اصلا خلال هذه المرحلة التي تتشكل فيها المفاهيم والافكار وكذلك الطموحات المستقبلية. واضاف لقد لاحظت طوال دراستي في السنين الاربع ان المظهر الخارجي للطلبة ليس مهماً فقط بل هو جوهري وقد يحكم علاقة الزملاء ببعضهم البعض وهذا ينطبق على الطلاب والطالبات، فالطلبة يغالون في لباسهم وسياراتهم واحاديثهم فيما بينهم بالمفاضلة بين انفسهم «بغشمرة» واحياناً بين انفسهم وبصفة خاصة تتضح هذه الظاهرة بين الطالبات من ناحية الملبس وبين الشباب من ناحية السيارات.
مهزلة منع الاختلاط«لم أكن عنيفاً قط في حوار أو في مناقشة، مثلما كنت عنيف المنطق عند تناول قانون منع الاختلاط وتأثيراته على الطلبة في الجامعة..».. هكذا تحدث البغيلي في كتابه وقال: عندما كنت مستجداً قام طلبة القائمة الاتلافية في الآداب بتسجيل جدولي وكنت ممتناً لهم في ذلك فقررت أن أمنحهم صوتي في الانتخابات ولكن لم أنس اعتقادي ويقيني حينما كانوا يروجون لضرورة منع الاختلاط وفقاً لتعاليم الشريعة إذ إنني تصديت لهم لخطورة ما يروجونه.وأضاف: لقد كانوا يروجون أن الاختلاط ينشر الفساد بين الشباب والبنات في الجامعة ويشوه صورة البنت وخصوصاً إذا كانت متزوجة، والأخطر في الأمر كله أنه كلما ناقشهم شخص في قائمة الوسط الديموقراطي حول هذا المحور انتفض الائتلافي قائلاً بجملة يرددونها دائماً: «ترضى لأهلك ذلك»؟ وحينها يسكت الوسطي أو أنه يرد رداً باهتاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمحمد حمود البغيلي 2009|